منتديات روحي تحبك
عزيزي الزائر|عزيزتي الزائره

نرجو منك الدخول في المنتدى اذا كانت لديك عضويه واذا

ما كانت لك عضويه في المنتدى نرجو منك التسجيل

وان تكون نشيط بين الاعضاء

ومن افضل الاعضاء

وشكراا

اداره المنتدى
منتديات روحي تحبك
عزيزي الزائر|عزيزتي الزائره

نرجو منك الدخول في المنتدى اذا كانت لديك عضويه واذا

ما كانت لك عضويه في المنتدى نرجو منك التسجيل

وان تكون نشيط بين الاعضاء

ومن افضل الاعضاء

وشكراا

اداره المنتدى
منتديات روحي تحبك
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالبوابةالتسجيلدخول
» لـكـل, حـكـايـة, نـهــايــة..! لـكـل حـكـايـة ... نـهــايــة..! قصة هود عليه السلام Icon_minitimeالأحد يناير 16, 2011 9:10 am من طرف » لماذا يتغير وجهك عند القيام من النوم ؟قصة هود عليه السلام Icon_minitimeالأحد يناير 09, 2011 9:28 am من طرف » زخارف للحروف قصة هود عليه السلام Icon_minitimeالأحد يناير 09, 2011 9:28 am من طرف » [ وآثقُ الخٌطى يمشيّــ ملگـاً ] قصة هود عليه السلام Icon_minitimeالأحد يناير 09, 2011 9:27 am من طرف » [ وآثقُ الخٌطى يمشيّــ ملگـاً ]قصة هود عليه السلام Icon_minitimeالأحد يناير 09, 2011 9:26 am من طرف » يلجا الهموم الى البحر .. قصة هود عليه السلام Icon_minitimeالأحد يناير 09, 2011 9:26 am من طرف » أشكر حسّادك ..!قصة هود عليه السلام Icon_minitimeالأحد يناير 09, 2011 9:25 am من طرف » ثلاثُ رصاصاتٍ قتلتني والمتني كتيرا ! قصة هود عليه السلام Icon_minitimeالأحد يناير 09, 2011 9:24 am من طرف » القائمه المستدعاه لمواجهة ليفانتيقصة هود عليه السلام Icon_minitimeالثلاثاء يناير 04, 2011 7:14 am من طرف » دي ماريا : " انا اعمل بجد لـ اصبح واحداً من الافضل "قصة هود عليه السلام Icon_minitimeالثلاثاء يناير 04, 2011 7:13 am من طرف

 

 قصة هود عليه السلام

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
جدار الحب
منشى المنتدى
منشى المنتدى
جدار الحب


<b>تاريخ التسجيل</b> تاريخ التسجيل : 31/10/2010
<b>المشاركات</b> المشاركات : 571
ذكر
<b>التقيم</b> التقيم : 14

قصة هود عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: قصة هود عليه السلام   قصة هود عليه السلام Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 22, 2010 2:07 pm

بسم الله الرحمن الرحيم





قصة هود عليه السلام





وهو هود بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام.

ويقالأن هوداً هو عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح، ويقال هود بن عبد اللهبن رباح الجارود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام. ذكرهابن جرير.

وكان من قبيلة يقال لهم عاد بن عوص بن سام بن نوح.وكانوا عرباً يسكنون الأحقاف - وهي جبال الرمل - وكانت باليمن بين عمانوحضرموت، بأرض مطلة على البحر يقال لها الشحر، واسم واديهم مغيث.

وكانواكثيراً ما يسكنون الخيام ذوات الأعمدة الضخام، كما قال تعالى: {أَلَمْتَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ، ارَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ } أي عادارم وهم عاد الأولى. وأما عاد الثانية فمتأخرة كما سيأتي بيان ذلك فيموضعه.. وأما عاد الأولى فهم عاد {ارَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ، الَّتِي لَمْيُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ} أي مثل القبيلة، وقيل مثل العمد.والصحيح الأولى كما بيناه في التفسير.

ومن زعم أن "ارم" مدينة تدورفي الأرض، فتارة في الشام، وتارة في اليمن وتارة في الحجاز، وتارة فيغيرها، فقد أبعد النجعة، وقال ما لا دليل عليه، ولا برهان يعول عليه، ولامستند يركن إليه.

وفي صحيح ابن حبان عن أبي ذر في حديثه الطويل فيذكر الأنبياء والمرسلين قال فيه: "منهم أربعة من العرب: هود، وصالح،وشعيب، ونبيك يا أبا ذر".

ويقال أن هوداً عليه السلام أول من تكلمبالعربية. وزعم وهب بن منبه أن أباه أول من تكلم بها. وقال غيره: أول منتكلم بها نوح. وقيل: آدم وهو الأشبه، وقيل غير ذلك. والله أعلم.

ويقالللعرب الذين كانوا قبل إسماعيل عليه السلام، العرب العاربة، وهم قبائلكثيرة: منهم عاد، وثمود، وجرهم، وطسم، وجميس، وأميم، ومدين، وعملاق،وعبيل، وجاسم، وقحطان، وبنو يقطن، وغيرهم.

وأما العرب المستعربةفهم من ولد إسماعيل بن إبراهيم الخليل وكان إسماعيل بن إبراهيم عليهماالسلام أول من تكلم بالعربية الفصيحة البليغة وكان قد أخذ كلام العرب منجرهم الذين نزلوا عند أمه هاجر بالحرم كما سيأتي بيانه في موضعه إن شاءالله تعالى، ولكن أنطقه الله بها في غاية الفصاحة والبيان. وكذلك كانيتلفظ بها رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم.

والمقصود أن عاداً - وهم عاد الأولى - كانوا أول من عبد الأصنام بعد الطوفان. وكانت أصنامهم ثلاثة: صدا، وصمودا، وهرا.

فبعثالله فيهم أخاهم هوداً عليه السلام فدعاهم إلى الله، كما قال تعالى بعدذكر قوم نوح، وما كان من أمرهم في سورة الأعراف: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْهُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍغَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ، قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْقَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنْالْكَاذِبِينَ قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌمِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنَالَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ، أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْرَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْجَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِبَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلاَءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، قَالُواأَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُآبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنْ الصَّادِقِينَ قَالَقَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِيفِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُبِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنْ الْمُنتَظِرِينَ،فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ}.





وقالتعالى بعد ذكر قصة نوح في سورة هود: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداًقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْأَنْتُمْ إِلا مُفْتَرُونَ، يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراًإِنْ أَجْرِي إِلا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ، وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلْالسَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْوَلاَ تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ، قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَابِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَانَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُآلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّيبَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ، مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَتُنْظِرُونِي، إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَامِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَىصِرَاطٍ مُسْتَقِيم، فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَاأُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْوَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌوَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُبِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ، وَتِلْكَ عَادٌجَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةًوَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلاَ إِنَّ عَاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلاَبُعْداً لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ}.





وقال تعالى فيسورة {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} بعد قصة قوم نوح: {ثُمَّ أَنشَأْنَامِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِين، فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاًمِنْهُمْ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَتَتَّقُونَ، وَقَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُواوَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِالدُّنْيَا مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّاتَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ، وَلَئِنْ أَطَعْتُمْبَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخَاسِرُون، أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْإِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظَاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَهَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ، إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَاالدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ، إِنْ هُوَإِلاَّ رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً وَمَا نَحْنُ لَهُبِمُؤْمِنِينَ، قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِي، قَالَ عَمَّاقَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ، فَأَخَذَتْهُمْ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّفَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}.

وقالالله تعالى في سورة الشعراء بعد قصة قوم نوح أيضاً: {كَذَّبَتْ عَادٌالْمُرْسَلِينَ، إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلاَ تَتَّقُون،إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِي، وَمَاأَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى رَبِّالْعَالَمِينَ، أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ،وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُون، وَإِذَا بَطَشْتُمْبَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِي، وَاتَّقُواالَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُون، أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍوَبَنِينَ، وَجَنَّاتٍ وَعُيُون، إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَيَوْمٍ عَظِيمٍ، قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْمِنْ الْوَاعِظِينَ، إِنْ هَذَا إِلاَّ خُلُقُ الأَوَّلِينَ، وَمَا نَحْنُبِمُعَذَّبِينَ، فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةًوَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُالرَّحِيمُ}.

وقال تعالى في سورة حم السجدة: {فَأَمَّا عَادٌفَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّمِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَأَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ،فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍلِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُالآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لاَ يُنْصَرُونَ}.

وقال تعالى في سورةالأحقاف: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِوَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاَّتَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍعَظِيمٍ، قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَابِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِينَ، قَالَ إِنَّمَاالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّيأَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ، فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَأَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَااسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ، تُدَمِّرُ كُلَّشَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لاَ يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْكَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِين}.

وقال تعالى فيالذاريات {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ الرِّيحَ الْعَقِيمَ،مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ}

وقالتعالى في النجم: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الأُولَى، وَثَمُودَ فَمَاأَبْقَى، وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَوَأَطْغَى، وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى، فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى، فَبِأَيِّآلاَءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى}.

وقال تعالى في سورة اقتربت:{كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ، إِنَّا أَرْسَلْنَاعَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ، تَنزِعُالنَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِر، فَكَيْفَ كَانَعَذَابِي وَنُذُرِ، وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْمِنْ مُدَّكِرٍ}.

وقال في الحاقة: {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوابِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ، سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍوَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىكَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ، فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْبَاقِيَةٍ}.

وقال في سورة الفجر: {أَلَمْ تَرَى كَيْفَ فَعَلَرَبُّكَ بِعَادٍ، ارَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ، الَّتِي لَمْ يُخْلَقْمِثْلُهَا فِي الْبِلاَدِ، وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَبِالْوَادِي، وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ، الَّذِينَ طَغَوْا فِيالْبِلاَدِ، فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ، فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَسَوْطَ عَذَاب، إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ}.

وقد تكلمنا على كل من هذه القصص في أماكنها من كتابنا التفسير. ولله الحمد والمنة.

وقد جرى ذكر عاد في سورة براءة وإبراهيم والفرقان والعنكبوت وفي سورة ص، وفي سورة ق.

ولنذكر مضمون القصة مجموعاً من هذه السياقات، مع ما يضاف إلى ذلك من الأخبار.

وقدقدمنا أنهم أول الأمم الذين عبدوا الأصنام بعد الطوفان. وذلك بين في قولهلهم: {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍوَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً} أي جعلهم أشد أهل زمانهم في الخلقةوالشدة والبطش. وقال في المؤمنون: {ثُمَّ أَنشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْقَرْناً آخَرِينَ} وهم قوم هود على الصحيح.

وزعم آخرون أنهم ثمودلقوله: {فَأَخَذَتْهُمْ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً}.قالوا: وقوم صالح هم الذين أهلكوا بالصيحة {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوابِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ}. وهذا الذي قالوه لا يمنع من اجتماع الصيحةوالريح العاتية عليهم كما سيأتي في قصة أهل مدين أصحاب الأيكة، فإنه اجتمععليهم أنواع من العقوبات. ثم لا خلاف أن عاداً قبل ثمود.

والمقصودأن عاداً كانوا جفاة كافرين، عتاة متمردين في عبادة الأصنام، فأرسل اللهفيهم رجلاً منهم يدعوهم إلى الله وإلى إفراده بالعبادة والإخلاص له،فكذبوه وخالفوه وتنقصوه، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.

فلما أمرهمبعبادة الله ورغبهم في طاعته واستغفاره، ووعدهم على ذلك خير الدنياوالآخرة، وتوعدهم على مخالفة ذلك عقوبة الدنيا والآخرة {قَالَ الْمَلأُالَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ} أي هذاالأمر الذي تدعونا إليه سفه بالنسبة إلى ما نحن عليه من عبادة هذه الأصنامالتي يرتجى منها النصر والرزق، ومع هذا نظن أنك تكذب في دعواك أن اللهأرسلك.

{قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌمِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ }. أي ليس الأمر كما تظنون ولا ما تعتقدون:{أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ}.والبلاغ يستلزم عدم الكذب في أصل المبلغ، وعدم الزيادة فيه والنقص منه،ويستلزم أداءه بعبارة فصيحة وجيزة جامعة مانعة لا لبس فيها ولا اختلاف ولااضطراب.

وهو مع هذا البلاغ على هذه الصفة في غاية النصح لقومهوالشفقة عليهم، والحرص على هدايتهم، لا يبتغي منهم أجراً، ولا يطلب منهمجعلاً، بل هو مخلص لله عز وجل في الدعوة إليه، والنصح لخلقه، لا يطلب أجرهإلا من الذي أرسله، فإن خير الدنيا والآخرة كله في يديه، وأمره إليه،ولهذا قال: {يَا قَوْمِ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيإِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} أي أما لكم عقلتميزون به وتفهمون أني أدعوكم إلى الحق المبين الذي تشهد به فطركم التيخلقتم عليها، وهو دين الحق الذي بعث الله به نوحاً وهلك من خالفه منالخلق. وها أنا أدعوكم إليه ولا أسألكم أجراً عليه، بل أبتغي ذلك عند اللهمالك الضر والنفع. ولهذا قال مؤمن {يس} {اتَّبِعُوا مَنْ لاَ يَسْأَلُكُمْأَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ، وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِيوَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}.

وقال قوم هود له فيما قالوا: {يَا هُودُمَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْقَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ، إِنْ نَقُولُ إِلاَّاعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ} يقولون ما جئتنا بخارق يشهد لكبصدق ما جئت به، وما نحن بالذين نترك عبادة أصنامنا عن مجرد قولك؛ بلادليل أقمته ولا برهان نصبته، وما نظن إلا أنك مجنون فيما تزعمه. وعندناأنه إنما أصابك هذا لأن بعض آلهتنا غضب عليك فأصابك في عقلك فاعتراك جنونبسبب ذلك. وهو قولهم: {إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَابِسُوءٍ}.

{قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّيبَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ، مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَتُنْظِرُونِي}.

وهذا تحد منه لهم، وتبرأ من آلهتهم وتنقص منه لها،وبيان أنها لا تنفع شيئاً ولا تضر، وأنها جماد حكمها حكمه وفعلها فعله.فإن كانت كما تزعمون من أنها تنصر وتنفع وتضر فها أنا بريء منها لاعن لها{فكيدوني جميعاً ثم لا تنظرون} أنتم جميعاً بجميع ما يمكنكم أن تصلوا إليهوتقدروا عليه، ولا تؤخروني ساعة واحدة ولا طرفة عين فإني لا أبالي بكم ولاأفكر فيكم، ولا أنظر إليكم. {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّيوَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّرَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} أي أنا متوكل على الله ومتأيد به،وواثق بجنابه الذي لا يضيع من لاذ به واستند إليه، فلست أبالي مخلوقاًسواه، لست أتوكل إلا عليه ولا أعبد إلا إياه.

وهذا وحده برهان قاطععلى أن هوداً عبد الله ورسوله، وأنهم على جهل وضلال في عبادتهم غير الله؛لأنهم لم يصلوا إليه بسوء ولا نالوا منه مكروهاً. فدل على صدقه فيما جاءهمبه، وبطلان ما هم عليه وفساد ما ذهبوا إليه.

وهذا الدليل بعينه قداستدل به نوح عليه السلام قبله في قوله: {يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَعَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِتَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْأَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلاَ تُنْظِرُونِي}.

وهكذاقال الخليل عليه السلام: {وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَنْيَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلاتَتَذَكَّرُون، وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَأَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْسُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنتُمْتَعْلَمُون، الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍأُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ وَتِلْكَ حُجَّتُنَاآتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُإِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ}.

{وَقَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِهِالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْفِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُمِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُون، وَلَئِنْأَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخَاسِرُون، أَيَعِدُكُمْأَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظَاماً أَنَّكُمْمُخْرَجُونَ}.

استبعدوا أن يبعث الله رسولاً بشرياً. وهذه الشبهةأدلى بها كثير من جهلة الكفرة قديماً وحديثاً، كما قال تعالى: {أَكَانَلِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرْالنَّاسَ} وقال تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْجَاءَهُمْ الْهُدَى إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراًرَسُولاً، قُلْ لَوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَمُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ مَلَكاًرَسُولاً}.

ولهذا قال لهم هود عليه السلام: {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْجَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ} أيليس هذا بعجيب: فإن الله أعلم حيث يجعل رسالته.

وقوله:{أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظَاماًأَنَّكُمْ مُخْرَجُون، هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ، إِنْ هِيَإِلاّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُبِمَبْعُوثِينَ، إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباًوَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ، قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بما كذبون}استبعدوا الميعاد وأنكروا قيام الأجساد بعد صيرورتها تراباً وعظاماً،وقالوا: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ}، أي بعيد بعيد هذا الوعد، {إِنْ هِيَ إِلاّحَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} أييموت قوم ويحيا آخرون. وهذا هو اعتقاد الدهرية، كما يقول بعض الجهلة منالزنادقة: أرحام تدفع وأرض تبلع.

وأما الدورية فهم الذين يعتقدون أنهم يعودون إلى هذه الدار بعد كل ستة وثلاثين ألف سنة.

وهذاكله كذب وكفر وجهل وضلال، وأقوال باطلة وخيال فاسد بلا برهان ولا دليل،يستميل عقل الفجرة الكفرة من بني آدم الذين لا يعقلون ولا يهتدون، كما قالتعالى: {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَبِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ}.

وقاللهم فيما وعظهم به: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُون،وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ}. يقول لهم: أتبنون بكلمكان مرتفع بناء عظيماً هائلاً كالقصور ونحوها، تعبثون ببنائها لأنه لاحاجة لكم فيه، وما ذاك إلا لأنهم كانوا يسكنون الخيام، كما قال تعالى:{ألم تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ، ارَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ،الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلاَدِ} فعاد ارم هم عاد الأولىالذين كانوا يسكنون الأعمدة التي تحمل الخيام.

ومن زعم أن "ارم" مدينة من ذهب وفضة وهي تنتقل في البلاد، فقد غلط وأخطأ، وقال ما لا دليل عليه.

وقوله:{وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ} قيل هي القصور، وقيل بروج الحمام وقيل مآخذالماء {لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} أي رجاء منكم أن تعمروا في هذه الدارأعماراً طويلة {وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ، فَاتَّقُوااللَّهَ وَأَطِيعُونِي، وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُون،أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ، وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، إِنِّي أَخَافُعَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}.

وقالوا له مما قالوا:{أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُآبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنْ الصَّادِقِينَ} أيجئتنا لنعبد الله وحده، ونخالف آباءنا وأسلافنا وما كانوا عليه؟ فإن كنتصادقاً فيما جئت به فأتنا بما تعدنا من العذاب والنكال، فإنا لا نؤمن بكولا نتبعك ولا نصدقك.

كما قالوا: {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَأَمْ لَمْ تَكُنْ مِنْ الْوَاعِظِينَ، إِنْ هَذَا إِلا خُلُقُالأَوَّلِينَ، وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ}. أما على قراءة فتح الخاء،فالمراد به اختلاق الأولين، أي أن هذا الذي جئت به إلا اختلاق منك، أخذتهمن كتب الأولين. هكذا فسره غير واحد من الصحابة والتابعين. وأما على قراءةضم الخاء واللام - فالمراد به الدين، أي أن هذا الدين الذي نحن عليه إلادين الأباء والأجداد من الأسلاف، ولن نتحول عنه ولا نتغير، ولا نزالمتمسكين به.

ويناسب كلا القراءتين الأولى والثانية قولهم: {وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ}.

قال:{قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌأَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْمَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْمِنْ الْمُنتَظِرِينَ} أي قد استحققتم بهذه المقالة الرجس والغضب من الله،أتعارضون عبادة الله وحده لا شريك له بعبادة أصنام أنتم نحتموها وسميتموهاآلهة من تلقاء أنفسكم؟ اصطلحتم عليها أنتم وآباؤكم، ما نزل الله بها منسلطان. أي لم ينزل على ما ذهبتم إليه دليلاً ولا برهاناً. وإذ أبيتم قبولالحق وتماديتم في الباطل، وسواء عليكم أنهيتكم عما أنتم فيه أم لا،فانتظروا الآن عذاب الله الواقع بكم، وبأسه الذي لا يرد ونكاله الذي لايصد.

وقال تعالى: {قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِي، قَالَعَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ، فَأَخَذَتْهُمْ الصَّيْحَةُبِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}وقال تعالى: {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَافَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِينَ، قَالَإِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِوَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ، فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاًمُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَمَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ، تُدَمِّرُ كُلَّشَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْكَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ}.





وقدذكر الله تعالى خبر إهلاكهم في غير آية كما تقدم مجملاً ومفصلاً، كقوله:{فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَادَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ}وكقوله: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوامَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ،وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُوَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِالدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ عَاداً كَفَرُوارَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ}. وكقوله: {فَأَخَذَتْهُمْالصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْداً لِلْقَوْمِالظَّالِمِينَ} وقال تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِيذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ رَبَّكَلَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}.

وأما تفصيل إهلاكهم فلما قالتعالى: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُواهَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌفِيهَا عَذَابٌ أَلِيم} كان هذا أول ما ابتدأهم العذاب، أنهم كانوا ممحلينمسنتين، فطلبوا السقيا فرأوا عارضاً في السماء وظنوه سقيا رحمة، فإذا هوسقيا عذاب. ولهذا قال تعالى: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ} أي منوقوع العذاب وهو قولهم: {فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنْالصَّادِقِينَ} ومثلها في الأعراف.

وقد ذكر المفسرون وغيرهم هاهناالخبر الذي ذكره الإمام مُحَمْد بن إسحاق بن يسار قال: فلما أبوا إلاالكفر بالله عز وجل، أمسك عنهم القطر ثلاث سنين، حتى جهدهم ذلك قال: وكانالناس إذا جهدهم أمر في ذلك الزمان فطلبوا من الله الفرج منه إنما يطلبونهبحرمة ومكان بيته. وكان معروفاً عند أهل ذلك الزمان، وبه العماليق مقيمون،وهم من سلالة عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح، وكان سيدهم إذ ذاك رجلاً يقالإنه معاوية بن بكر، وكانت أمه من قوم عاد واسمها جلهدة ابنة الخيبري. قال:فبعث عاد وفداً قريباً من سبعين رجلاً ليستسقوا لهم عند الحرم، فمروابمعاوية بن بكر بظاهر مكة، فنزلوا عليه فأقاموا عنده شهراً، يشربون الخمر،وتغنيهم الجرادتان، قينتان لمعاوية وكانوا قد وصلوا إليه في شهر. فلما طالمقامهم عنده، وأخذته شفقة على قومه، واستحيا منهم أن يأمرهم بالانصراف -عمل شعراً يعرض لهم فيه بالانصراف، وأمر القينتين أن تغنيهم به، فقال:







ألا يا قيل ويحك قم فهينم ** لعل الله يمنحنا غماما

فيسقي أرض عاد إن عادا ** قد أمسوا لا يبينون الكلاما

من العطش الشديد فليس نرجو * به الشيخ الكبير ولا الغلاما

وقد كانت نساؤهم بخير ** فقد أمست نساؤهم أيامى

وإن الوحش يأتيهم جهارا ** ولا يخشى لعادي سهاما

وأنتم ها هنا فيما اشتهيتم ** نهاركم وليلكم تماما

فقبح وفدكم من وفد قوم ** ولا لقوا التحية والسلاما







قال:فعند ذلك تنبه القوم لما جاءوا له، فنهضوا إلى الحرم ودعوا لقومهم، فدعاداعيهم وهو قيل بن عنز، فأنشأ الله سحابات ثلاثاً: بيضاء وحمراء وسوداء،ثم ناداه مناد من السماء: اختر لنفسك أو لقومك من هذا السحاب، فقال: اخترتالسحابة السوداء فإنها أكثر السحاب ماء، فناداه مناد: اخترت رماد رمددا،لا تبقي من عاد أحداً، لا والداً يترك ولا ولداً إلا جعلته همداً إلا بنياللوذية الهمدا. قال وهم من بطن عاد كانوا مقيمين بمكة، فلم يصبهم ما أصابقومهم. قال: ومن بقي من أنسابهم وأعقابهم هم عاد الآخرة.

قال: وساقالله السحابة السوداء التي اختارها قيل بن عنز بما فيها من النقمة إلىعاد، حتى تخرج عليهم من واد يقال له المغيث، فلما رأوها استبشروا، وقالواهذا عارض ممطرنا، فيقول تعالى: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌفِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ، تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} أيتهلك كل شيء أمرت به.

فكان أول من أبصر ما فيها وعرف أنها ريح فيمايذكرون امرأة من عاد يقال لها "مهد" فلما تبينت ما فيها صاحت ثم صعقت.فلما أفاقت قالوا ما رأيت يا مهد؟ قالت رأيت ريحاً فيها شبه النار أمامهارجال يقودونها، فسخرها الله عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوماً، والحسومالدائمة؛ فلم تدع من عاد أحداً إلا هلك.

قال: واعتزل هود عليهالسلام - فيما ذكر لي - في حظيرة هو ومن معه من المؤمنين، ما يصيبهم إلاما تلين عليه الجلود، وتلذ الأنفس، وإنها لتمر على عاد بالظعن فيما بينالسماء والأرض، وتدمغهم بالحجارة. وذكر تمام القصة.

وقد روى الإمامأحمد حديثاً في "مسنده" يشبه هذه القصة فقال: حَدَّثَنا زيد بن الحباب،حدثني أبو المنذر سلام بن سليمان النحوي، حَدَّثَنا عاصم بن أبي النجود،عن أبي وائل، عن الحارث - وهو ابن حسان - ويقال ابن زيد البكري، قال: خرجتأشكو العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمررت بالربذة،فإذا عجوز من بني تميم منقطع بها، فقالت لي: يا عبد الله إن لي إلى رسولالله صلى الله عليه وسلم حاجة، فهل أنت مبلغي إليه؟ قال: فحملتها فأتيتالمدينة، فإذا المسجد غاص بأهله، وإذا راية سوداء تخفق، وإذا بلال متقلدالسيف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت: ما شأن الناس؟ قالوا:يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجهاً.

قال: فجلست، قال: فدخل منزله -أو قال رحله - فاستأذنت عليه فأذن لي، فدخلت فسلمت فقال: "هل كان بينكموبين بني تميم شيء"؟ فقلت: نعم. وكانت لنا الدائرة عليهم ومررت بعجوز منبني تميم منقطع بها، فسألتني أن أحملها إليك، وها هي بالباب. فأذن لهافدخلت، فقلت يا رسول الله: إن رأيت أن تجعل بيننا وبين بني تميم حاجزاً،فاجعل الدهناء، فإنها كانت لنا، قال: فحميت العجوز واستوفزت وقالت: يارسول الله، فإلى أين يضطر مضطرك؟ قال: فقلت: إن مثلي ما قال الأول: "معزىحملت حتفها" حملت هذه الأمة ولا أشعر أنها كانت لي خصماً، أعوذ باللهورسوله أن أكون كوافد عاد، قال: هيه وما وافد عاد؟ وهو أعلم بالحديث منيولكن يستطعمه. قلت: إن عاداً قحطوا فبعثوا وافداً لهم يقال له قيل، فمربمعاوية بن بكر فأقام عنده شهراً يسقيه الخمر، وتغنيه جاريتان يقال لهماالجرادتان، فلما مضى الشهر خرج إلى جبال تهامة، فقال: اللهم إنك تعلم أنيلم أجئ إلى مريض فأداويه، ولا إلى أسير فأفاديه، اللهم اسق عاداً ما كنتتسقيه. فمرت به سحابات سود، فنودي: منها اختر. فأومأ إلى سحابة منهاسوداء، فنودي منها: خذها رماداً رمدداً، لا تبقي من عاد أحداً. قال: فلمابلغني أنه بعث عليهم من الريح إلا كقدر ما يجري في خاتمي هذا من الريح حتىهلكوا.

قال أبو وائل: وصدق، وكانت المرأة والرجل إذا بعثوا وافداً لهم قالوا: لا تكن كوافد عاد.

وهكذارواه الترمذي عن عبد بن حميد، عن زيد بن الحباب به. ورواه النسائي من حديثسلام أبي المنذر عن عاصم بن بهدلة، ومن طريقه رواه ابن ماجة. وهكذا أوردهذا الحديث وهذه القصة عند تفسير هذه القصة غير واحد من المفسرين كابنجرير وغيره.

وقد يكون هذا السياق لإهلاك عاد الآخرة؛ فإن فيما ذكرهابن إسحاق وغيره ذكر لمكة، ولم تبن إلا بعد إبراهيم الخليل، حين أسكن فيهاهاجر وابنه إسماعيل، فنزلت جرهم عندهم كما سيأتي، وعاد الأولى قبل الخليل،وفيه ذكر معاوية بن بكر وشعره، وهو من الشعر المتأخر عن زمان عاد الأولى،ولا يشبه كلام المتقدمين. وفيه أن في تلك السحابة شرر نار، وعاد الأولىإنما أهلكوا بريح صرصر. وقد قال ابن مسعود وابن عبَّاس وغير واحد من أئمةالتابعين: هي الباردة، والعاتية الشديد الهبوب.

{سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً} أي كوامل متتابعات. قيل كان أولها الجمعة، وقيل الأربعاء.

{فَتَرَىالْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} شبههمبأعجاز النخل التي لا رؤوس لها، وذلك لأن الريح كانت تجيء إلى أحدهمفتحمله فترفعه في الهواء؛ ثم تنكسه على أم رأسه فتشدخه فيبقى جثة بلا رأس،كما قال: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِنَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ} أي في يوم نحس عليهم، مستمر عذابه عليهم.

{تَنزِعُالنَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} ومن قال أن اليومالنحس المستمر هو يوم الأربعاء وتشاءم به لهذا الفهم، فقد أخطأ وخالفالقرآن؛ فإنه قال في الآية الأخرى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاًصَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ} ومعلوم أنها ثمانية أيام متتابعات، فلوكانت نحسات في أنفسها لكانت جميع الأيام السبعة المندرجة فيها مشئومة،وهذا لا يقوله أحد، وإنما المراد في أيام نحسات، أي عليهم.

وقالتعالى: {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} أيالتي لا تنتج خيراً، فإن الريح المفردة لا تثير سحاباً ولا تلقح شجراً، بلهي عقيم لا نتيجة خير لها، ولهذا قال: {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْعَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} أي كالشيء البالي الفاني الذيلا ينتفع به بالكلية.

وقد ثبت في "الصحيحين" من حديث شعبة عن الحكمعن مجاهد عن ابن عبَّاس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "نصرتبالصبا، وأهلكت عاد بالدبور".

وأما قوله تعالى: {وَاذْكُرْ أَخَاعَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ مِنْبَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ إِنِّيأَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} فالظاهر أن عاداً هذه هي عادالأولى؛ فإن سياقها شبيه بسياق قوم هود وهم الأولى. ويحتمل أن يكونالمذكورون في هذه القصة هم عاد الثانية. ويدل على ما ذكرنا وما سيأتي منالحديث عن عائشة رضي الله عنها.

وأما قوله: {فَلَمَّا رَأَوْهُعَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}فإن عاداً لما رأوا هذا العارض وهو الناشئ في الجو كالسحاب ظنوه سحاب مطر،فإذا هو سحاب عذاب. اعتقدوه رحمة فإذا هو نقمة رجوا فيه الخير فنالوا منهغاية الشر. قال تعالى: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ} أي منالعذاب، ثم فسره بقوله: {رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} يحتمل أن ذلكالعذاب هو ما أصابهم من الريح الصرصر العاتية الباردة الشديدة الهبوط،التي استمرت عليهم سبع ليال بأيامها الثمانية فلم تبق منهم أحداً، بلتتبعتهم حتى كانت تدخل عليهم كهوف الجبال والغيران فتلفهم وتخرجهموتهلكهم، وتدمر عليهم البيوت المحكمة والقصور المشيدة، فكما منوا بشدتهموبقوتهم وقالوا: من أشد منا قوة؟ سلط الله عليهم ما هو أشد منهم قوة،وأقدر عليهم، وهو الريح العقيم.

ويحتمل أن هذه الريح أثارت في آخرالأمر سحابة، ظن من بقي منهم أنها سحابة فيها رحمة بهم وغياث لمن بقيمنهم، فأرسلها الله عليهم شرراً وناراً. كما ذكره غير واحد. ويكون هذا كماأصاب أصحاب الظلة من أهل مدين، وجمع لهم بين الريح الباردة وعذاب النار،وهو أشد ما يكون من العذاب بالأشياء المختلفة المتضادة، مع الصيحة التيذكرها في سورة قد أفلح المؤمنون. والله أعلم.

وقد قال ابن أبيحاتم: حَدَّثَنا أبي، حَدَّثَنا مُحَمْد بن يحيى بن الضريس، حَدَّثَنا ابنفضيل عن مسلم، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليهوسلم: "ما فتح الله على عاد من الريح التي أهلكوا بها إلا مثل موضعالخاتم، فمرت بأهل البادية فحملتهم ومواشيهم وأموالهم بين السماء والأرض،فلما رأى ذلك أهل الحاضرة من عاد، الريح وما فيها {قَالُوا هَذَا عَارِضٌمُمْطِرُنَا} فألقت أهل البادية ومواشيهم على أهل الحاضرة.

وقدرواه الطبراني عن عبدان بن أحمد، عن إسماعيل بن زكريا الكوفي، عن أبيمالك، عن مسلم الملائي، عن مجاهد وسعيد بن جبير، عن ابن عبَّاس قال: قالرسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما فتح الله على عاد من الريح إلا مثلموضع الخاتم، ثم أرسلت عليهم البدو إلى الحضر، فلما رآها أهل الحضر قالواهذا عارض ممطرنا مستقبل أوديتنا. وكان أهل البوادي فيها، فألقي أهلالبادية على أهل الحاضرة حتى هلكوا".

قال: عتت على خزائنها حتى خرجت من خلال الأبواب. قلت: وقال غيره: خرجت بغير حساب.

والمقصود أن هذا الحديث في رفعه نظر. ثم اختلف فيه على مسلم الملائي، وفيه نوع اضطراب والله أعلم.

وظاهر الآية أنهم رأوا عارضاً والمفهوم منه لغة السحاب، كما دل عليه حديث الحارث بن حسان البكري، إن جعلناه مفسراً لهذه القصة.

وأصرحمنه في ذلك ما رواه مسلم في "صحيحه" حيث قال: حَدَّثَنا أبو بكر الطاهر،حَدَّثَنا ابن وهب قال: سمعت ابن جُرَيْج حَدَّثَنا عن عطاء بن أبي رباح،عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عصفتالريح قال: "اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذبك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به" قالت: "وإذا غيبت السماء تغيرلونه، وخرج ودخل، وأقبل وأدبر. فإذا أمطرت سرى عنه، فعرفت ذلك عائشةفسألته فقال: "لعله يا عائشة كما قال قوم عاد: {فلما رأوه عارضاً مستقبلأوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا}".

رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة، من حديث ابن جُرَيْج.

طريقأخرى: قال الإمام أحمد: حَدَّثَنا هارون بن معروف، أنبأنا عبد الله بنوهب، أنبأنا عمرو - وهو ابن الحارث - أن أبا النضر حدثه عن سليمان بنيسار، عن عائشة أنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعاًضاحكاً قط حتى أرى منه لهواته، إنما كانت يبتسم وقالت: كان إذا رأى غيماًأو ريحاً عرف ذلك في وجهه، قالت يا رسول الله: إن الناس إذا رأوا الغيمفرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية؟فقال: "يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب! قد عذب قوم نوح بالريح، وقدرأى قوم العذاب فقالوا: هذا عارض ممطرنا" فهذا الحديث كالصريح في تغايرالقصتين كما أشرنا إليه أولاً. فعلى هذا تكون القصة المذكورة في سورةالأحقاف خبراً عن قوم عاد الثانية وتكون بقية السياقات في القرآن خبراً عنعاد الأولى، والله أعلم بالصواب.

وهكذا رواه مسلم عن هارون بن معروف، وأخرجه البُخَاريّ وأبو داود من حديث ابن وهب.

وقدمناحج هود عليه السلام عند ذكر حج نوح عليه السلام. وروي عن أمير المؤمنينعلي بن أبي طالب أنه ذكر صفة قبر هود عليه السلام في بلاد اليمن. وذكرآخرون أنه بدمشق، وبجامعها مكان في حائطه القبلي يزعم بعض الناس أنه قبرهود عليه السلام. والله أعلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wnjevs.yoo7.com
rachid22
عضو نشيط
عضو نشيط
rachid22


<b>تاريخ التسجيل</b> تاريخ التسجيل : 22/11/2010
<b>المشاركات</b> المشاركات : 91
ذكر
<b>التقيم</b> التقيم : 1

قصة هود عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة هود عليه السلام   قصة هود عليه السلام Icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 23, 2010 5:46 am

طرح رااائع وقيم

ربي يجزاك كل خييير ويجعله بموازين حسناااتك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://rachid.lolbb.com/
جدار الحب
منشى المنتدى
منشى المنتدى
جدار الحب


<b>تاريخ التسجيل</b> تاريخ التسجيل : 31/10/2010
<b>المشاركات</b> المشاركات : 571
ذكر
<b>التقيم</b> التقيم : 14

قصة هود عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة هود عليه السلام   قصة هود عليه السلام Icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 23, 2010 7:32 am

مشكور اخي ع المرور
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wnjevs.yoo7.com
مدريدي
عضومميز
عضومميز
مدريدي


<b>تاريخ التسجيل</b> تاريخ التسجيل : 18/11/2010
<b>المشاركات</b> المشاركات : 169
ذكر
<b>التقيم</b> التقيم : 1

قصة هود عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة هود عليه السلام   قصة هود عليه السلام Icon_minitimeالخميس نوفمبر 25, 2010 6:44 am

مشكور اخوي ع الموضوع وجزاك الله خيرآآ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
جدار الحب
منشى المنتدى
منشى المنتدى
جدار الحب


<b>تاريخ التسجيل</b> تاريخ التسجيل : 31/10/2010
<b>المشاركات</b> المشاركات : 571
ذكر
<b>التقيم</b> التقيم : 14

قصة هود عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة هود عليه السلام   قصة هود عليه السلام Icon_minitimeالسبت نوفمبر 27, 2010 4:06 am

مشكور اخوي على المرور
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wnjevs.yoo7.com
 
قصة هود عليه السلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصة سيدنا آدم عليه السلام
» قصة الياس عليه السلام
»  من عاش على شيء مات عليه !!!!!!
» بعض أدعية الرسول صلى الله عليه وسلم..

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات روحي تحبك :: المنتديات العامه :: اسلامي-
انتقل الى: